الكتابة الأكاديمية – القواعد الأساسية في الكتابة العلمية


تأليف وإعداد: د. عمر مزعل

الكتابة العلمية لا تقاس بالطول، فمن بين الأخطاء الشائعة عند الكُتّاب، الباحثين المبتدئين هو أن عدد الصفحات المكتوبة هي المقياس الجيد لجودة البحث. لذا، أحيانًا يوجه لكم طلابكم السؤال التقليدي: ما هو طول البحث المطلوب أو عدد الصفحات المطلوبة لكتابة بحث سيمينار، أو مشروع تخرج أو غيره؟ هذا الاعتقاد الشائع هو اعتقاد خاطئ، ويجدر بنا أن نوضحه بشكل قاطع: القارئ الجيد لن يقيِّم بحثكم بعدد الصفحات، فهو لن يقيِّم أفضل بحثًا مكونًا من 80 صفحة بدلا من بحث لا يتعدى 20 صفحة، بل العكس، فإن البحث المكتوب بشكل جيد وحسب القواعد الأكاديمية يهدف إلى جذب القارئ ومده بالمعرفة المطلوبة بشكل واضح ودقيق.

لقد وضح تلك الفكرة العالم الرياضي باسكال، وذلك من خلال رسالة كتبها عام 1657 إذ بدأ باسكال رسالته بقوله: “لقد كتبت هذه الرسالة الطويلة لأني لم أملك الوقت الكافي لكتابة رسالة قصيرة” هذه الجملة توضح بصورة لا تقبل الشك فكرة الكتابة الأكاديمية، لكي نكتب بحثًا واضحًا وجيدًا ولكي لا نرهق القارئ، مطلوب منا وقت للتخطيط، للتنقيح، وكتابة عدة نسخ أولية، ثم الوصول إلى البحث النهائي بمعنى أنّ الكتابة العلمية يجب أن تركز حول الموضوع وأن لا تتنحى إلى كتابة أمور خارجة عن الموضوع، وهي بالتالي التي تُقيّم بشكل جيد.

مبادئ عامة:

1. الكتابة الأكاديمية يجب أن تكون غير متطرفة.
2. يجب أن نمتنع عن التهور في الكتابة الأكاديمية، فالأسلوب المتهور حتى لو كان الباحث مقتنعا تمامًا بأصالة فكرته، من غير المحبذ كتابته نحو: ” يعتبر هذا البحث نقطة تحول…” أو “فيما لو لم نقم بهذا البحث الحالي سيكون نقص كبير في هذا المجال” أو غير ذلك مما لا يستند إلى أدلة علمية وموضوعية.

يجب أن نهتم أكثر بالموضوع وليس بالشخص، وألا نعالج أمورا شخصية. فالتقرير البحثي يشبه الكتاب الرسمي، لذلك يجب أن لا نتوجه بشكل مباشر للقارئ، مثلاً يجب أن لا  نكتب جملة كالتالي: “بإمكانك أن ترى أن البيانات تشير إلى …” من المفضل أن نكتب بدلا من ذلك: “بإمكاننا أن نرى أن البيانات تشير إلى ….” وكذلك يجب الابتعاد عن كتابة وعظ -ليس هنالك مكان في الكتابة الأكاديمية لجمل مثل: ” على القارئ أن يتذكر “، “قارئاً غير حذر بإمكانه أن يعتقد أن …” وذلك لأن الكتابة العلمية يجب أن تكون موضوعية. أضف إلى ما تقدم، الكتابة العلمية يجب أن تكون خالية من الآراء المسبقة، فالبحث العلمي يجب أن يعرض الآراء والنتائج المختلفة بشكل موضوعي ومتوازن، يجب ألا نعرض آراء ونتائج تدعم رأي الكاتب دون عرض آراء ونتائج معارضة. عرض آراء، نظريات ونتائج يجب أن تكون دقيقة، عندما نعرض أفكارًا لنظريات ونتائج باحثين آخرين، يجب عرضها بشكل دقيق وكما ورد في المصدر.

وكذلك، في الكتابة الأكاديمية يجب الامتناع من استعمال صيغة المفرد، وإنما الأفضل اعتماد صيغة الجمع ولكن في حالة كون الباحث وحيدًا، ويتحدث باسمه وفي الأبحاث القصيرة ممكن اعتماد صيغة المفرد.

مبادئ كتابة وصياغة:

الكتابة الأكاديمية يجب أن تمكّن القارئ من التمييز بين الآراء والحقائق، عندما يعرض الكاتب فرضيات، توقعات، أو آراء يجب أن يذكر ذلك بشكل واضح. يجب ألا نكتب بشكل متردد، فعندما نكون متأكدين من أقوالنا من المفضل ألا نستعمل كلمات، مثل: (نفترض، يجوز، حسب آرائنا) عندما نعرض فرضيات. كذلك، يجب ألا نعلن مسبقًا للقراء، مثلاً: من غير المقبول أن نكتب “في هذا الجزء سنوضح البحث الذي أجريناه.”

وفي الكتابة العلمية من غير المفضل استعمال الكلمات التي قد توحي بالغموض مثل: الخ… أو أمور مشابهة، وإنما يجب ألا نكتفي بذلك، بل نفصل ذلك بصورة واضحة.

مبادئ أساسية في كتابة المقدمة:

  • المقدمة تعني العرض، أو التعرف الرسمي على الموضوع، ‘introduction’ تدعى المقدمة باللغة الإنجليزية. يجب أن تكون المقدمة صديقة للقارئ، سهلة، وواضحة بحيث ترافق القارئ وترشده وتمنحه المعرفة المطلوبة للبحث الذي أمامه. أما كتابة المقدمة فتشبه عرض مشروع أمام لجنة، لذا يجب عدم كتابة جمل طويلة وغير مترابطة، علينا أن نتذكر أن كل فقرة تحتوي على فكرة رئيسية واحدة.
  • كتابة مخطط البحث يتطلب منك تخطيطا للمبنى العام.
  • احتواء البحث على مراجع تدعم البحث.
  • عندما نقتبس من بحث معين يجب ألا نتحدث عن البحث بشكل موسع بل نعرض الأمور الأساسية للبحث والتي لها علاقة في بحثنا.
  • المقدمة مبنية من ثلاثة عناصر: الأول يهدف إلى عرض أهداف البحث، والثاني يهدف إلى عرض خلفية نظرية، عرض أفكار نظرية وبحثية، والثالث فرضية البحث.
  • عندما نعرض حقائق مؤكدة يجب ألا تتواضع في عرضها وتختبئ وراء تلك الكلمات.عدم استعمال مصطلحات مهنية، عدم الاكثار من استعمال المصطلحات لأن هذه المصطلحات معروفة لفئة قليلة من الباحثين، وعند الاستعمال يجب أن نستعملهم في السياق الصحيح.
  • التسلسل في البحث يجب أن يكون منطقيًا، الانتقال من جملة إلى جملة، من فقرة إلى أخرى، من فصل إلى آخر يجب أن تكون منطقية، تمكن القارئ من فهم المعنى؛ يجب أن يتم الترتيب بشكل منقطي ليس بشكل زمني.
  • استعمال خاطئ في كتابة الفقرات هو من الأخطاء الشائعة. تحتوي الفقرة على فكرة واحدة، لذلك الانتقال من فقرة إلى أخرى يعني الانتقال من فكرة إلى أخرى، ولذلك يجب أن نشدد على أن تحتوي الفقرة على فكرة واحدة، الفقرات يجب أن تكون قصيرة وتشمل جملا قصيرة.
  • عدم استعمال مصطلحات مهنية، يجب عدم الإكثار من استعمال المصطلحات لأن هذه المصطلحات معروفة لفئة قليلة من الباحثين، وعند الاستعمال يجب أن نستعملها في السياق الصحيح.

الأسلوب الكتابي:

حاول أن تكتب جملًا قصيرة، على ألا تحتوي هذه الجمل على أكثر من فكرة واحدة، وألا تكتب كلمات لا حاجة لها، مثلًا: “قبل العلاج حصل المعالجون على توضيح مسبق، حيث كان له تأثير كبير على مشاركتهم”. بالإمكان الصياغة كالتالي ” للمعالجين أعطي تفسير مسبق لتأكيد مشاركتهم”.

يجب الامتناع عن استعمال تعابير زائدة، واستبدالها بتعابير قصيرة تؤدي نفس المعنى، مثلًا: “بدل القول: كما هو معروف للكل بالإمكان الكتابة “كما هو معروف”.

وفقنا الله جميعا إلى ما فيه كل الخير.

رئيس قسم التربية والمجتمع/ المدير الأكاديمي – فرع أونو القدس د. عمر مزعل


الطلاب الأعزاء، كامبوس حيفا ابتداءً من تاريخ 17.11.2024 سنعود للدراسة الوجاهية في الكامبوس.

الطلاب الأعزاء، كامبوس حيفا ابتداءً من تاريخ 17.11.2024 سنعود للدراسة الوجاهية في الكامبوس.