في أيامنا هذه تحول الانترنت الى جزء لا يتجزأ من حياتنا، خاصة خلال جائحة كورونا، حيث ان الكثير من نشاطاتنا اليومية مثل التعلم والعمل انتقلت الى العالم الافتراضي. الكبار كالصغار يقومون باستخدام الانترنت من خلال الحواسيب المنزلية والهواتف الذكية، فيقومون بالتواصل مع الاخرين، البحث عن المعلومات في شتى المجالات، البيع والشراء. على الرغم من الجوانب العملية والايجابية لاستخدام الانترنت، هنالك الكثير من الجوانب السلبية التي من المهم ان نتعرف اليها لكي نستطيع حماية أولادنا من مخاطر الانترنت. في هذا المقال سنقوم بالتطرق الى التنمر الالكتروني: تعريفه، مميزات الضحية والمعتدي ودور الاهل في التعامل مع الأولاد عند وقوعهم ضحايا للتنمر الالكتروني.
قبل الحديث عن التنمر الالكتروني من المهم التطرق الى مخاطر الانترنت، حيث تقسمها الدراسات العلمية الى 3 اقسام:
1- مضامين: حيث من الممكن إيجاد الكثير من المضامين المثيرة مثل الأفلام والصور الإباحية في المواقع المختلفة في الانترنت، والتي كثيرا ما تجذب الأولاد، وخاصة المراهقين، وتعرضهم لخطر الانكشاف على مضامين غير ملائمة لعمرهم تساعد على تشويه العلاقات الحميمية. إضافة الى ذلك، من الممكن إيجاد الكثير من المعلومات المغلوطة في مواقع مختلفة مثل ويكبيديا.
2- العلاقات: عند الحديث عن العلاقات فإننا نتحدث عن علاقات افتراضية وأخرى غير افتراضية. العلاقات الغير افتراضية هي تلك العلاقات التي نقوم ببنائها في عالمنا الواقعي ونتواصل معها عبر الانترنت. اما العلاقات الافتراضية فهي تربطنا بأشخاص تعرفنا اليهم عبر الانترنت ولا نعرفهم على ارض الواقع. في الكثير من الحالات يقوم اشخاص باستخدام الانترنت للتعرف على القاصرين من اجل إقامة علاقات معهم، ابتزازهم، ملاحقتهم والتعرض لهم. إضافة الى ذلك، يقوم المراهقون انفسهم باستخدام الانترنت من اجل التنمر على الاخرين وبذلك يتم استخدام الانترنت كأداة للتنمر
3- المخاطر التجارية: وهي تلك المتعلقة بجمع واستخدام المعلومات الشخصية من اجل تحقيق أرباح تجارية
بعد الحديث عن مخاطر الانترنت، سنقوم بالحديث عن التنمر الالكتروني بشكل موسع. يتم تعريف التنمر الالكتروني على انه يشمل التشهير، الملاحقة، عرض معلومات خصوصية للآخرين، او القيام بالهجوم او التعامل بشكل فظ وإعطاء ملاحظات مؤذية للآخرين بواسطة التقنيات والمنابر المختلفة المتاحة عبر الانترنت.
الأبحاث تدلنا على وجود عدد من المميزات للأولاد الذين يقعون ضحايا للتنمر الالكتروني منها:
1- تمضية وقت طويل في الإبحار في مواقع تتيح التواصل مع الاخرين مثل المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعية المختلفة
2- الإبحار في المواقع الإباحية: الأولاد الذين يقومون بالإبحار في المواقع الإباحية هم أكثر عرضة من غيرهم للتعرض للتنمر الالكتروني
3- كون القاصر يتعرض للتنمر في الواقع
4- العلاقة مع الاهل: الأولاد الذين تتميز علاقتهم مع أهلهم على انها سلبية ومتوترة يكونون أكثر عرضة للتنمر الالكتروني من غيرهم
5- العمر: الأبحاث تؤكد على ان القاصرين كبار السن، خاصة في المرحلة الإعدادية، يعانون أكثر من صغار السن في المرحلة الابتدائية من التنمر الالكتروني.
بالمقابل، من الممكن التطرق الى مميزات المعتدين:
- قاصرون ذوي تقدير ذاتي منخفض
- العلاقة مع الاهل: القاصرون الذين تتميز علاقتهم مع أهلهم على انها سلبية ومتوترة يقومون بالتنمر الالكتروني أكثر من غيرهم
- كون القاصر يقوم بالتنمر على الاخرين في الواقع
- عادة ما يلجأ القاصرون المتنمرون الى الانترنت بدافع الانتقام، حيث يساعدهم الانترنت على إخفاء هويتهم الحقيقية
وما هي التأثيرات النفسية للتنمر الالكتروني على الضحية؟
- الشعور بالإهانة، الذنب والحياء: الاعتقاد بان ما كتب عنهم صحيح
- الايقان بان البيت لم يعد مكان آمن حيث ان التنمر الالكتروني لا يعرف حدود جغرافية ولا يمكن حصره في خارج البيت فقط
- يزيد إمكانية الشعور بالاكتئاب
- الإيقان بان الاعتداء هو أبدى حيث من الصعب محو الكتابات والمواد التي تم نشرها في الانترنت
- الخوف من الحماية عن طريق العقاب: الكثير من الضحايا يفضلون عدم البوح بتعرضهم للتنمر الالكتروني بسبب خوفهم من قيام أهلهم بحرمانهم من استخدام الانترنت والهاتف الذكي
وما هو دور الاهل في علاج الأولاد الذين يقعون ضحايا للتنمر الالكتروني؟
- عدم محاربة المتنمر عن طريق الرد بهجوم معاد. الهجوم المعاد قد يؤدي الى زيادة وتيرة وحدة الهجوم. لذلك من المهم عدم الهجوم المعاكس ومحاولة مساعدة الضحية بدلا من التركيز على الهجوم
- مساعده الابن/البنت على تذويت أن ما حدث له/ا هو أمر غير عادل وظالم. من المهم تقديم الدعم النفسي لمن تعرض للتنمر الالكتروني. الشخص الذي تعرض للتنمر ليس مذنب ومن المهم ان لا نقوم بتلوميه
- المحافظة على مضامين الاعتداء بهدف تقديم شكوى للشرطة عند الحاجة.
عن الكاتبة:
د. رنا عباس- باحثة ومحاضرة في كلية أونو في قسم التربية والمجتمع. صاحبة لقب ثاني في العمل الاجتماعي وعلم الاجرام من الجامعة العبرية وصاحبة لقب ثالث في علم الاجتماع من جامعة حيفا. لرنا توجد خبرة واسعة في مجال العمل الاجتماعي، وتعمل على دراسة اثار استخدام أبناء الشبيبة العرب للأنترنت على الجوانب الاجتماعية والنفسية.